لغات ملونة

مشروع بناء المحتوى المؤسساتي

يقول الكاتب سبستيان جنغر حول سؤاله لماذا يكتب: ” كل ما علي فعله هو أن آخذ الأشياء التي رأيتها، والتي قالها الناس لي والتي بحثت عنها بنفسي- صنائع من العالم – وتحويلها إلى سلسلة من الكلمات التي يرغب الناس بقرائتها. الكتابة هذه الخيمياء العجيبة الأشبه بالسحر، إذا قمت بها بشكل جيد فسوف تقرأ”.

 أما ماركار فيقول ” أكتب لأحلم، لأتصل بالآخرين، لأوثق، لأوضح، لأزور ميت. لدي نوع من الحاجة الفطرية لترك بصمة في العالم، بالإضافة إلى أنني أحتاح النقود”.

 في جوابهما يشير الكاتبان إلى أمور مهمة تحدث وقت الكتابة مثل التعلم من الناس، والبحث، وجمع المعلومات، وكتابة شيء متصل بالناس وحيواتهم.

وفي المقابل هناك القراء أو الجمهور وهم يملكون حاجة فطرية للاستماع إلى القصص، فالقصص موجودة في حياتنا اليومية وليست بالضرورة أن تكون مكتوبة، من الممكن أن تكون جلسة صباحية بين صديقتين، أو قصة يرويها سائق التاكسي، أو حوار بين طفلين في الشارع، ويمكن أن تكون على شكل لافتة، أو إعلان أو بوستر، أو فيديو قصير، أو أغنية. القصص موجودة في كل مكان وهي تخاطب حواسنا السمعية والبصرية والحسية والادراكية، لكن على أحد ما أن يلتقطها.

وفي سياقنا الفلسطيني يوجد أهمية خاصة للكتابة، ورواية القصص وتوثيقها، فهي مرتبطة بتاريخنا ووجودنا كفلسطينيين. لهذا أصبحت الكتابة والتوثيق أداة مهمة لحفظ تاريخنا، وحياتنا اليومية، وأرشيفنا وآلية عملنا. وعلى مدار السنوات، تعرض أرشيف العديد من المؤسسات للتدمير والضياع، وهناك حقبات تاريخية اختفت لدى عدة مؤسسات ولم تتمكن من استراجعها، لهذا تشعر المؤسسات والمنظمات بأهمية مشاركة تجربتها عبر منصات وأدوات مختلفة، وضرورة أن لا تبقى هذه التجربة داخل رفوف وخزائن المؤسسات على شكل أرقام وتقارير وبيانات وقصص نجاح. وحاولت العديد من المؤسسات أن تهتم بالجانب الإعلامي في عملها، لكن المنتج  في الغالب أقتصر على شكل أخبار صحفية حول تدريبات وفعاليات نفذت، واتخذت التقارير شكلا رسميا يحوي معلومات واضحة ومحددة، دون الدخول عميقا في التجربة. بالاضافة إلى غياب الإعلام التربوي والثقافي والمجتمعي المختص بصناعة محتوى حي يؤثر في الخطاب السائد، ويصنع خطابا جديدا يرتبط بحياة الناس بشكل مباشر، ويلهم المهتمين لتبني ممارسات مغايرة سواء في التعليم أو الثقافة أو الفن أو التمكين الاقتصادي.

ونتيجة لهذه التحديات، شعرنا بأهمية بناء مساق ” لغات ملونة: صناعة المحتوى المؤسساتي” وهو عبارة عن مساق طويل ينفذه فريق جمعية فلسطين للكتابة (الورشة) بالشراكة مع مؤسسة دروسوس، يستهدف شركاء المؤسسة ممن حصلوا على دعم لتنفيذ مشاريع ومبادرات في حقول الفن والتعليم والمسرح والتمكين الاقتصادي ودور المرأة، بحيث يمر الشركاء في هذا المساق في أربعة مسارات رئيسية سيتم توضيحها في جدول مفصل لاحقا.

ويهدف المساق إلى مساعدة المؤسسات على:

  • تحديد ورصد التحديات والامكانيات الراهنة المتعلقة بصناعة المحتوى لديهم.
  • تحديد الأهداف المتعلقة بسؤال لماذا نريد أن نصنع محتوى مختلف؟ من أجل نشر التجربة؟ من أجل نشر الوعي حول قضية ما؟ من أجل توسيع قاعدة الجمهور؟ من أجل التأثير في الخطاب؟ نشر المعرفة؟ من أجل مستقبل المؤسسة؟
  • تحديد هوية جمهورنا وخصائصه ومشاعره؟ من هم؟ أعمارهم؟ ما اهتماماتهم؟ مواقع سكنهم؟ ماذا يشعرون؟ عن ماذا يبحثون؟ كيف نصل إليهم عبر قصصنا؟
  • تحويل الفكرة إلى محتوى: مرحلة البحث وجمع المعلومات والكتابة والبناء والتنقيح والنشر والتوزيع والتقييم وإعادة الاستخدام.
  • الخروج بمحتوى حي وغير تقليدي يعكس قصص المؤسسة ويشاركها مع الناس، عبر أشكال لغوية وبصرية مختلفة وملهمة، تكون جزءا من عمل المؤسسة مع الناس: بهدف إلهامهم والتأثير في وعيهم بطرق ملفتة.